يعتمد نجاح المنظمات واستدامتها على قدرتها في استثمار الإمكانات البشرية بجميع تنوعاتها. ومع ذلك، تظل بعض التحديات الداخلية غير المرئية تؤثر سلباً على الأداء المؤسسي دون أن تحظى بالاهتمام الكافي، وأبرزها: المحاباة واستبعاد الكفاءات الشابة من الأدوار المؤثرة. إغفال هذه القضايا يؤدي إلى تراجع العدالة التنظيمية، ويُضعف مناخ الابتكار، ويهدد فعالية المنظمة على المدى الطويل.
تأثير المحاباة على بيئة العمل
تأخذ المحاباة أشكالاً مختلفة، سواء كانت ظاهرة أو ضمنية، إلا أنها تُقوّض مبدأ الاستحقاق وتُضعف الثقة الداخلية.
من أبرز صورها:
- إسناد المهام والمشاريع الحساسة لأشخاص بعينهم دون معايير واضحة.
- تمييز بعض الأفراد بالظهور والتقدير على حساب الآخرين.
- إشراك محدود وغير عادل في اتخاذ القرار.
تؤدي المحاباة إلى نتائج سلبية منها:
- تدهور روح الفريق وثقة الموظفين وعدالة بيئة العمل.
- انسحاب الكفاءات العالية نتيجة شعورها بالتهميش.
- انخفاض الإنتاجية العامة وضعف التعاون بين الأفراد.
مخاطر استبعاد الكفاءات الشابة
تمثل الكفاءات الشابة مورداً حيوياً لما تمتلكه من أفكار مبتكرة، ومهارات رقمية متقدمة، وقدرة على التكيّف مع التغييرات.
إلا أن استبعادهم غالباً ما يتجلى في:
- غيابهم عن الاجتماعات والمناقشات الاستراتيجية.
- محدودية فرصهم في المسارات القيادية والتطويرية.
- الافتراضات المسبقة حول قلة الخبرة أو عدم الجاهزية.
وتنعكس هذه الممارسات سلباً على المنظمة من خلال:
- فقدان فرص الابتكار وتنوع وجهات النظر.
- تأخر إعداد القيادات المستقبلية.
- تآكل التعاون بين الأجيال داخل بيئة العمل.
ترسيخ الشمولية في الثقافة المؤسسية
تتبنى المنظمات ذات الأداء العالي ممارسات شمولية ترتكز على العدالة والتمكين المستدام. ومن أبرز هذه الممارسات:
- تطوير قيادي قائم على الاستحقاق وفق معايير شفافة.
- تعزيز قنوات التواصل المفتوحة بين جميع المستويات والفئات العمرية.
- برامج تطوير مهني ممنهجة تشمل:
التوجيه والإرشاد المهني.
إشراك الكفاءات الشابة في المشاريع الاستراتيجية.
آليات اتخاذ قرار شفافة وعادلة.
وتثمر هذه الممارسات عن:
- رفع مستوى التفاعل والرضا الوظيفي.
- تعزيز قدرة المنظمة على التكيف والاستمرارية.
- بناء ثقافة تنظيمية ترتكز على العدالة، الأداء، والتعاون.
لتحقيق استدامة مؤسسية حقيقية، ينبغي للمنظمات أن تتعامل بجدية مع تحديات المحاباة واستبعاد الأجيال الشابة. إن تبني قيادة شمولية، وتطبيق معايير تطوير عادلة، وتمكين الكفاءات الناشئة، يمثل أساساً ضرورياً لتعزيز قدرة المنظمات على الابتكار والقيادة والمساهمة في تحقيق أهداف التحول الوطني. فالشمولية ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي أداة استراتيجية لزيادة مرونة المنظماة واستعدادها لمستقبل متغير.